حديثُ السواقي حديثُ السواقي
إلى جدي .. المرحوم محمد " أبو قاسم "
عليهِ رحمة الرحمانِ وغفرانُه ..
هبَّ عطرُ الدمعِ شرقا ً واعتلى
ناحباً بينَ الخريفِ والمطرْ
فالرياحُ السودُ أفشتْ سرَّهُ
للسواقي الغاضباتِ والشجرْ
عشَّشَ البردُ بِهِ لكنَّهُ
كلَّما حَسَّ ببلواهُ استعرْ
ما لهُ في همِّهِ منْ مؤنسٍ
واختناقُ الآهِ بالصدرِ قــُهـِرْ
ذاكَ ظلُّ الشامِ أعمى غربَتي
قد ترامى الضوعُ فيه فعَثَرْ
عاجزٌ بالدمعِ يبني نعشَهُ
ميِّتٌ والعمرُ بعدُ ما انحسرْ
قلبُهُ نارٌ وجسمٌ باردٌ
وبقايا الروحِ قد أضحتْ أثَرْ
صِحتُ .. رُحماكَ أيا ربَّ السما
ما دهاها الأرضُ ما بالُ القمرْ
زهرةُ الرمانِ لا تبكي سُدىً
واحتدامُ العطرِ مشدوهُ الزُمَرْ
ما جرالي ضعتُ في نفسي أنا
كلَّما غصنٌ مِنَ الشرقِ هَدَرْ
قالتِ الريحُ لكَ جدٌّ غفا
طرفـُهُ حينَ تمنَّاهُ السَّهَرْ
بعد أنْ صلَّى إلى الله هُدىً
بعدما رقَّ لنجواهُ الحَجَرْ
تلكَ أرضُ الحبِّ تبكيهِ دماً
وطيورُ البردِ عزَّاها السَّفَرْ
والحُجَيْراتُ اللتي عاشَ لها
زادها الدمعُ سناءً ووَقَرْ
يا أبا قاسِمِ لنْ أبكي هنا
إنَّ منْ طبعِ المُعاناةِ الكِبَرْ
إنني طفلٌ لأيديكَ دنا
وأنا الشرقُ اللذي فيكَ أسِرْ
مَهْلُكمْ يا حامليْ جدِّي رُبىً
مَهْلُكمْ فالقلبُ ما عادَ شَعَرْ
مَهْلكم يا ناسُ لستُ قادراً
أنْ أراهُ اليومَ في ذاكَ المَقَرْ
ودِّعوا عنِّي الحبيبَ رحمة ً
ودِّعوهُ إنَّ بالموتِ عِبَرْ
ما لغيرِ اللهِ صوتٌ خالدٌ
وشفاءُ الخلقِ أنْ تدنو الحُفرْ
كانَ جسراً مِنْ شقيقٍ عطفـُهُ
بئرُنا مكسورةٌ منذ ُ انكسرْ
أخبروهُ أنَّني أدعو لهُ
طالما الأحداقُ مُدَّتْ بالنظرْ
حسين مصطفى
بئر المكسور